بين سحر الماضي ودفء الحديث.. الحكايات التي تنتظر من يمنحها فرصة للعيش

Between-magic-past-warmth-present
بين سحر الماضي ودفء الحديث


بينما تأخذنا الحياة السريعة في دوامة لا تنتهي، هناك دائمًا حكايات قديمة وحديثة تختبئ في زوايا الذاكرة، تدفعنا للتأمل والبوح، لكنها كثيرًا ما تظل مكدّسة، غير قادرة على الوصول إلى أعين الآخرين. وهذا ما قررت أن أبدأ به أول تدويناتي؛ فضفضة عن عالم يتأرجح بين عبق الماضي وألوان الحاضر.

من عبق الماضي إلى ألوان الحاضر.. رحلة من خلال الصور والذكريات

بين سحر الماضي ودفء الحديث، أتصفح هاتفي كل يوم لساعات، وينتهي بي الأمر غالبًا في غياهب تطبيق إنستجرام، حيث أضيع بين الصور المتنوعة حتى تشوش ذهني من كثرة المدخلات. ولكن ذات مرة، وبينما أقلب الصفحات والصور بلا انتباه، لفتت نظري لقطات للقاهرة القديمة. شعرت وكأنني دخلت إلى متحف من نوع خاص، مليء بالهدوء والجمال الذي نفتقده في زحمة الأيام هذه. صورٌ لأناس بسيطين لا أعرفهم، لكنّ مشاهدتهم تمنحني شعورًا بالانتماء، ربما لأنهم يعيدونني إلى زمن يحمل أصالة لا يشوبها ضجيج الحياة الحديثة.

 أهلاً بالماضي.. عندما كان الحنين إلى القاهرة القديمة يملأ القلب

أتذكر حين كانت والدتي تروي لي عن رحلات ماضيها إلى القاهرة. تفاصيل بسيطة مثل أول مرة استقلت فيها القطار وعبرت إلى المدينة الكبيرة أو حضورها حفل زفاف ابن عمها تظل محفورة في ذاكرتي فقط لأن حكاياتها كانت مفعمة بالمشاعر. وعلى الرغم من أنها جاءت إلى المدينة قبل سنوات قليلة، إلا أنها لا تزال تفضل الهدوء الدافئ لقريتنا، حيث الجيران والأحاديث المسترسلة. أما الآن، فيبدو أن الوحدة اقتربت منها أكثر من أي وقت مضى.

من المكالمات الفيديو إلى حكاياتنا.. كيف ننسى أهمية التجربة الحقيقية

الماضي يجعلني أضيع أحيانًا بين أفكاري الخاصة. كأن ذهني يفتح بابًا نحو باب دون توقف، أسير بين الأفكار مثلما أجول بين الصور. لكن ثمة حقيقة واحدة أدركها: لكل منا حكايته التي تستحق أن تُروى، والحكايات لا تنتهي، إنها فقط تنتظر من يمنحها فرصة للعيش.

هل أنت مستعد لمنح نفسك لحظة من الوقت لتفاعل مع الحكايات؟

في عصرنا الحالي، باتت العيون تألف الجديد بسرعة وتنكر على القديم جماله وأناقته. لم نعد نتوقف لنمعن النظر، ولا لنعيش اللحظة بعمق. وسط هذا السيل من الصور والذكريات المصورة، يبدو أننا نفقد شيئًا جوهريًا: القدرة على الاحتفاظ بذكرى تستقر في أرواحنا بدلاً من شاشات هواتفنا.

كان أولئك الذين عاشوا في الماضي يحملون ذكرياتهم بقوة لأنها كانت تجربة حقيقية بكل تفاصيلها وخصوصيتها. النوم على الأسطح البسيطة، الاستيقاظ مع الفجر للفلاحة، والتجمعات العائلية التي كانت ملاذًا للأحاديث الصادقة. أما اليوم، فقد صارت "مكالمات الفيديو" بديلًا فاتراً للقاءات الحميمة، وباتت لمساتنا للأشياء تُختزل في نقرة شاشة.


نحن اليوم مثل أجهزة متصلة دائمًا ومغلقة أحيانًا عن الحياة الفعلية. نحمل هواتفنا في كل مكان ونصور كل لحظة عبرها، وكأننا ننسى أن لذّة التجربة تكمن في العيش الكامل لتفاصيلها. نعم، الكاميرا تصون الذكريات، لكنها لا تستطيع أن تمنحنا نفس الشعور النابع من أعماق الروح عند التأمل المباشر لجمال ما أمامنا.


لهذا أدعوك يا صديقي أن تمنح نفسك ولو لحظات بعيدة عن عدسة الهاتف، أن تعيش المشهد بكل ما يحمله لك. فالذكريات الحقيقية هي تلك التي تسكن القلب ولا يمحوها الزمان. دعنا نصنع حكاياتنا ونترك لها أثرًا يدوم في أرواحنا قبل أن نودعها لسطور التحقق الرقمي أو زوايا الذاكرة المشتتة.


لا تجعل رحلتك تنتهي بصماء دون أثر. حافظ على لحظة أصيلة واحدة تعيش داخلك، تخبرك بأن عظمة اللحظة تكمن دائمًا في أنك عشتها بكل حواسك وروحك، وليس فقط بعدستك.

شاركه على جوجل بلس

عن شمس على

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق