![]() |
الأمومة |
أحب أمي أكثر من أي شيء في هذه الحياة، لا أذكر شيئًا أحببته بهذا العمق والدفء سوى هي.
رأيت أمي.
أقولها كما لو أنني أحمل فرحة العيد أو أنباء ترقية طال انتظارها، شيء يملأ القلب بالبهجة ويبعث الطمأنينة في الروح.
ثلاثة أسابيع من الشوق والتوتر
هذه هي أول مرة أمضي ثلاثة أسابيع كاملة دون أن أراها. ثلاثة أسابيع لكنها شعرت بثلاثة عقود. كانت أيامًا ثقيلة، لم تكن تشبه الأيام بمعناها المعتاد، بل كأن الوقت يتثاقل فوق صدري. ورغم أن صوتها كان يصل بين الحين والآخر، إلا أن ذلك لم يخفف سوى قليلاً من وطأة الشوق إليها.
أحب أمي أكثر من أي شيء
لأن السعادة الحقيقية هي أن أراها. أن أجلس بقربها. في حضورها تلتئم جروحي، أتنفس بعمق بعد تعب طويل، تسكن روحي، ويبتسم قلبي الحزين. إنها النور لعيناي، والوطن الذي تهدأ فيه كل مخاوفي. ومن رؤيتها تصبح للسعادة مَعْقِلاً ورفيقاً.
حتى حين أتحدث مع إخوتي وأبي أو أي مقرب مني، يكون أول سؤال مني دائمًا:
"هل رأيتم أمي؟"
إجاباتهم وحدها تمنحني شيئًا يشبه السكينة. ذكرها وأخبارها تغسل تعبي وترتب داخلي.
وعندما أعود إلى المنزل من أي مكان، يكون أول سؤال يخرج مني: "أين أمي؟" حتى وإن كنت رأيتها قبل لحظات من خروجي. فهي المنزل الحقيقي لهذه الروح، الطمأنينة التي تأتي بعد وحشة الغربة والأسفار.
أحب أمي أكثر من كل شيء، وعقدتي الوحيدة أنني لا أريد للدنيا أن تخبئ وجهها عني، أو تخفت ضحكتها وروحها الخفيفة التي تحيطني كدعاء يحرسني حيثما ذهبت.
النور الذي يضيء الروح
أمي، النبيلة في أخلاقها، المُفعمة بالشعر في كلماتها وإن لم تكتب بيتًا واحدًا. عظيمة في بساطتها ومعلمي الأول ليس في الحسابات والأرقام، بل في معنى الأخوّة؛ كيف أنه مهما عصفت بنا الظروف فإن الأخ لا يخذل أخاه، وأن الأهم دائمًا هو أن نقتسم كل ما لدينا معًا، ولو كان بسيطًا مثل طبق صغير من البطاطس أو ملعقة من الأرز. كانت مدهشة في تفهم تغيراتنا وصبورة على تفاصيل حياتنا المتشابكة. وديعة وهي تُحسُّ أحزاننا دون أن نبوح، تلملم أحزاننا وتمضي ناسياً ما قد يثقل قلبها هي.
يرتوي القلب والروح بوجود أمي
بعيدًا عن كونها أمي والارتباط الأبدي بين الابن وأمه، وحتى بعيدًا عن تحملها لي منذ يوم ولادتي بصعوباتي، كقدمي التي وُلدت منحرفة وكانت صدمتها الأولى ولكن… بدعائها استقمت بفضل الله. بعيدًا عن كل ذلك، أنا أحب هند بذاتها. أحبها جدًا، جدًا.
0 comments:
إرسال تعليق