![]() |
في قاع الفساد |
في قاع المعاناة، نعيش تفاصيل يومية تتشابك بين شكوى مقبولة وحقيقة مؤلمة نأبى التوقف عندها. كثيرًا ما نجد أنفسنا عالقين في دوامة من التعجب والغضب والرضا المجبر عليه؛ وربما هذا هو الشعور الذي أراد مصطفى محمود التعبير عنه حين قال "لقد تقدمنا عشر خطوات للأمام وسرنا مثلهم للخلف". ربما يسير الزمن بالفعل، لكننا نغرق أحيانًا حيث لا يبدو لنا حتى الحضيض مكانًا نستطيع الوقوف عليه بصلابة.
من الماء إلى النار: كيف سرت الكهرباء من ظهورها إلى غيابها
البداية، دعوني أقولها بجرأة، وإن لم ترغبوا في سماعها، فهذا لن يغيّر شيئًا، لأني سأعبّر عمّا بداخلي رغم كل شيء. الحرارة مرتفعة حد الاشتعال، والكهرباء غائبة كأنها غادرت إلى عطلةٍ طويلة تخلو من أي التزامات. ومع ذلك، لست هنا لأنتقد حرارة الصيف أو أشكو خلق الله؛ فهذه قدرة الله ونحن مُلزمون برضا يدفعنا لنرى خيره في كل شيء. أحب الصيف، وأفضله على الشتاء البارد الذي يعذبني بجسدي الضعيف أمام برودته. لكن دعونا من كل هذا الهدوء الذي أغمّده نفسي فيه.
في يومنا هذا، نكاد نرى الكهرباء كحاجة كبرى
أنفعل بعمق وحزن حين أتأمل وضع الكهرباء لدينا. مليارات تهدر لتلك الشركة، تنهب من المال العام بلا شعور، وتجد نفسك كل مرة أمام الواقع ذاته؛ حفرة جديدة في قاع الفساد. وفوق ذلك تعيينات عبثية وكأن القانون يضمن لهم حق اختيار الأسوأ من بين الكل ليتصدروا المشهد. أعيش في وقت نجد فيه أن الكهرباء ليست فقط حاجة كمالية، بل أصبحت محور الحياة اليومية، والشريان الذي يربطنا بكل مقومات العيش الكريم وحتى الإنتاجية.
من معاناة الكهرباء إلى معاناة الإنسان: تحدٍ في العيش اليومي
اليوم، ينقطع التيار الكهربائي لفترات طويلة تمتد بساعات ثقيلة كأنها أيام، ويعود بالكاد لنتذكر شكل النور ثم يغادر مبكرًا وكأنه تأخر عن موعد آخر! أما المنازل، فتتحول لغرف مظلمة خالية من الحياة والسكينة. الحر بلا مكيّفات، والليل بظلامه الخانق بلا وميض خفيف يضيء دروب فضائنا النفسي.
هذا الفشل المستمر وسوء الإدارة دائمًا ما يجعلنا نعايش القاع بأسوأ أحواله. لا يمكن أن أطالب بمنزل معيّن مستقيم يمتاز بجماله، لكن حتى لو كان البيت حضيضيًا بسيطًا! دعونا نعترف بمعاناتنا ونحاول إصلاح هذا الحضيض ليكون أقل ضررًا مما هو عليه الآن.
اليوم نعيش صعوبة تجعلنا نفكر بشكل مختلف؛ لا نطلب مستحيلات ولا تطوّرات خارقة. بل على الأقل دعونا نتفق على شوية تنظيم - فقط قليلاً! أخبرونا بمواعيد محددة لانقطاع الكهرباء لنتمكن من شحن هواتفنا وترتيب أمور منزلنا المتزامنة معها.
أكتب هذه الكلمات بكثيرٍ من الامتعاض، ليس شكاوى موجهة للقضاء والقدر، بل لكل صاحب مسؤولية أهمل ولم يعد يأبه للأمانة التي أوكلت له. فما يحدث يجعلنا نفقد الثقة في كل شيء ونعيش بقلق مستمر دون أي بارقة أمل.
بالختام، أسأل الله أن يلطف بنا ويهبنا القوة للتحمّل والصبر للعبور وسط هذا الظلام. فوسط فسادٍ لا حدود له، تظل هناك ومضات خير لا يجب أن نفرّط بها. ربما ما نحتاجه هو وقفة للتفكّر في نعم أكبر سعت سنوات لصقل حياتنا بينما أغفلناها معتقدين أنها مجرد أساسيات بديهية.
لا تقف عند الغضب فقط. ادعُ الله أن يرزقك القدرة على مجابهة هذه التحديات والعمل بنفَسٍ أطول من هذا الواقع المزري. ننظر لكل عثرة باعتبارها نقطة تعلم ووعي، ونسير حالمين برؤية أجمل تنقلنا خارج هذا الحضيض المتكرر.
#على_الهامش:
- رغم ما قد نود التفوه به من كلمات ساخطة وجارحة عند الغليان الداخلي، تعلّمت أن تعديل العبارات وتحسين النبرة أحيانًا يخفف من الحدة علينا نحن قبل غيرنا.
- احذروا السخط الذي يُغرق الروح باليأس؛ ففي النهاية الخير دائمًا وجهه مختبئ لكنه موجود.
- اجعلوا ذكر نعمة الكهرباء وغيرها ملاذًا لإعادة تقييم مرافق الحياة التي نعتمد عليها ونغفل ش
0 comments:
إرسال تعليق