![]() |
ناجي العلي |
حنظلة، الوجه الآخر لناجي العلي. كان ناجي يصف هذه الشخصية التي ابتكرها بأنها بوصلة تُشير دائمًا نحو فلسطين، كما قال ذات مرة في حديثه مع الأستاذة الراحلة رضوى عاشور. ربما تكون الصورة الذهنية لدى الكثيرين عن ناجي العلي مرتبطة بشدة بحنظلة، إذ مثلت هذه الشخصية امتدادًا لرسالته، وكأنها ذلك الصوت العربي العنيد الذي يعيش حتى بعد رحيله.
حنظلة، بوصلة تشير دائمًا نحو فلسطين
ناجي العلي، ابن فلسطين والجليل ومخيم عين الحلوة، الذي انتقل إليه بعد نكبة قلبت حياة الناس وأزاحت عن الطفولة براءتها. كان بالكاد في العاشرة من عمره، وشهد بعينيه التحولات الكبرى التي حوّلت جيلًا بأكمله إلى لاجئين قبل أن يدركوا تمامًا ما يعنيه هذا المصير.
ناجي العلي: الرسام العربي العنيد
حنظلة، الطفل الحافي الذي ابتكره ناجي، لم يكن سوى انعكاس لطفولته التي توقفت عند ذلك العمر الذي غادر فيه وطنه، حيث قال: "شخصية هذا الطفل هي رمز لطفولتي التي تركتُها في فلسطين، وما زلتُ أحيا داخلها حتى بعد مرور 35 عامًا."
قلب ناجي كان مزيجًا من قهر فقدان الوطن والمعاناة اليومية للاجئ الذي يواجه واقعه الجديد. عاش طفولته في المخيم متأثرًا بكل ما رآه من حزن وكبت، ووجد في الرسم ملاذًا للتعبير عن ألمه وقهره. قال رضوى عاشور في سياق لقائهما إنه ابن المخيم الذي حاول كغيره أن يُفرغ ما بداخله عبر الخطوط والرسومات.
ناجي العلي، ابن المخيم، ابن فلسطين
تولد النكبات والحروب مشاعر جديدة لم نعهدها من قبل، وتفتح أبوابًا للإبداع كوسيلة للبقاء والصمود. الرسم والكتابة، كما يرى ناجي، ليستا مجرد أدوات فنّية، بل محاولات لينقل الإنسان قصته ويؤكد أنه كان حاضرًا يومًا ما.
وفي إحدى المقابلات، عبّر عن انحيازه للفقراء دون أي تملق أو مجاملة، وقال: "القضية واضحة ولا تقبل الاجتهاد." لكنه لم يحدّ القضية بفلسطين وحدها، بل وسّع نطاقها لكل القضايا العادلة، سواء كانت في مصر، فيتنام، أو جنوب أفريقيا.
تسقط الأجساد لا الفكرة: ناجي العلي، الرسام المقتول
ناجي كان جريئًا في التعبير عما يؤمن به، لكنه رغم ذلك لم يكن راضيًا عن أدائه بالكامل. وصف فنه بأنه قاسٍ ومستفز، وأشار إلى نفسه كجراح لمعالجة الجروح الغائرة عبر رسوماته.
ترك ناجي المخيم لاحقًا للعمل في الكويت حيث وجد مساحة لإبداعه في الصحافة عبر رسوماته الكاريكاتيرية. كوّن أسرة هناك قبل أن ينتقل إلى لندن ليستقر فيها. ولكن النهاية كانت مأساوية؛ حيث اغتيل على يد مجهول باستخدام كاتم صوت.
علينا ألا ننكر تأثير من أمثال ناجي أو غسان وكل من واجه الموت بشجاعة لإيصال رسالتهم إلى العالم رغم التهديدات. لقد عاش هؤلاء بقناع قوي يجسد الانتماء والقضية التي رفعوها بكل جرأة.
لنختم بكلمات غسان كنفاني التي تخلد هذه الرسائل: تسقط الأجساد لا الفكرة.
جميع المعلومات الواردة موثوقة ويمكن الاطلاع عليها عبر كتاب الأستاذة الراحلة رضوى عاشور "لكل المقهورين أجنحة"، وكذلك من خلال مقاطع يوتيوب توثيقية.
0 comments:
إرسال تعليق