![]() |
الشعور بالقلق والتوتر |
مرت أشهر طويلة من حياتي، بالكاد أستطيع استرجاع شيء منها غير المعاناة. معاناة متكررة، قلق دائم، ترقب لا ينقطع، وتوتر مستمر. لا شيء سواهم. لا متعة تُذكر، ولا سعادة تُدرك، ولا حتى ضحكة تخلو من انقطاع بسبب ذلك القلق.
من القلق إلى الحياة
كم هي بسيطة تلك الكلمة "قلق" بحروفها القليلة. لكنها تحمل ثقلاً يُطفئ قلب الإنسان كليًّا.
لم أكن أعلم أن علاقتي مع القلق ستتطور إلى هذا الحد، لتصبح مخاوف من ذلك الشعور بحد ذاته. وهكذا أنا اليوم، أقلق من القلق نفسه.
المشاعر تضخمت داخلي وكأنني ضربتها في اثنين. لقد كان قلبي دومًا يتمنى التوقف عن تلك العادة المُنهِكة، لكن عقلي ظل متمسكًا بها رغم الأذى الواضح الذي يتركه القلق عليه.
أتساءل أحيانًا: هل لاحظ أفراد عائلتي ذبول وجهي؟ خمود لمعة عيني؟ تلاشي بريق روحي؟
أنا لم أحتج إلى إجابة مباشرة منهم؛ كنت أرى كل ذلك بوضوح عندما أقع عيني على صوري خلال تلك الفترة.
عندما يلتهم القلق روحي
روحي استسلمت لذلك العبء الثقيل حتى أنه صار يلتهم ما تبقى منها. وجدت نفسي متبلدة، مستسلمة تمامًا تحت رحمة ذلك الشعور.
إلى أن جاءت ليلة فاصلة في حياتي. القلق تسلل كعادته، لكن هذه المرة جلب معه فراشة صغيرة وكأنها خجولة. اقتربت مني برفق، لامست كتفي ثم صفعتني.
تلك الصفعة رغم وجعها كانت نافذة للحياة؛ وكأنها أعادت تنبيهي بأنني ما زلت هنا، ما زلت أتنفس.
الفراشة وضعت قلماً في يدي وورقة بيضاء أسفل جناحيها ثم همست لي: "أنتِ وحدكِ من تقررين كيف تكونين الآن. تعهدي أمام نفسكِ أن لا تقاومي ألمكِ ولا تستسلمي له. فقط ابتدئي رحلة العلاج، أمني بنفسكِ وستلحظين الفرق".
ثم مضت... لكنها تركت لي ورقة تحمل توقيعاً قوياً بأن لا أستسلم أبداً، وتركت في قلبي أملاً صغيراً فتحتُ به أول باب للخلاص.
بدأت بالبحث عن المساعدة في أماكن مختلفة. بعضها جعل الأمور أكثر سوءًا، والبعض الآخر كان بمثابة مُسكن لا يدوم طويلاً تأثيره بعد انتهائه.
لكن الأمر الذي وجدت فيه ملاذاً لي كان الكتابة... الكتابة على تلك الورقة التي تركتها لي الفراشة. صارت صديقتي الخفية والوطن الذي ألجأ إليه كلما حملت داخلي مشاعر صغيرة أو عظيمة.
كانت الكتابة ملجأ لي دون حواجز، دون انتظار نصيحة أو رد أو حتى لمسة تعاطف. كنت أحتاج فقط للتفريغ.
مع الكتابة بدأت أقترب من ذاتي أكثر، ورأيت فيها إنساناً مستنزفاً يستحق التعاطف. جعلتني الكتابة أفهم دائي، ومن هناك بدأت أكتشف الدواء.
لا أدّعي أنني شُفيت تماماً، وإنني الآن أقف على أرضٍ صلبة بلا هزات؛ لكنه الطريق الذي بدأته ولن أتوقف عن المسير عليه مهما طالت المسافة.
وفي نهاية المسير أترك هنا أثرًا قد يعين غيري في المرور بما مررت به:
- اقرأ كتاب *دع القلق وابدأ الحياة*.
- اكتب ما تشعر به دون أن تقلل من قيمة مشاعرك مهما وجدت أنها بسيطة.
- تجنب الفراغ والروتين المتكرر لأنهما التربة الخصبة لنمو القلق.
- تذكر: القلق شعور غير عاقل، وكلما منحته أهمية وأخذته على محمل الجد، زاد الاستخفاف بك بردوده المجنونة. عامله بغير مبالاة؛ إن قال لك إن خروجك يعني الموت، أجب بثقة: "مرحباً بالموت! أنا أصلاً خُلِقت لأموت في النهاية".
- تعرّف على تقنية TFT وابحث عنها فقد تكون مفيدة لك.
- إذا لم تتحسن حالتك، لا تتردد باللجوء إلى طبيب مختص.
ختامًا، تذكر أن أي اضطراب نفسي أو مشاعر عميقة تمر بها ليست عيب
0 comments:
إرسال تعليق