مشاعر وهموم...الشيخوخة والوحدة والصمت

Feelings-worries-age-lonelines-silence
الشيخوخة والوحدة والصمت


شيخوخة، وحدة، واغتراب. خليط من المشاعر ترافق امرأة مسنّة تعيش وحدها في منزل يغرق في صمته، يُحيطها الزمن بثقل غير مرئي لكنه حاضر في كل زاوية.

نهاية الحياة

استيقظتُ صباحًا، لكنني بقيت في السرير طويلًا، وكأنني أؤجل مواجهة اليوم. بخطوات بطيئة تقدمتُ نحو المرآة، تأملتُ وجهي الذي تفترشه تجاعيد الزمن، وخصلات شعري البيضاء التي أصبحت أكثر شفافية. شعرتُ أنني بتُّ غريبة حتى عن نفسي. الكثير تغيّر.

رجعتُ إلى سريري مجددًا. استحضرني التفكير بأولادي. في العمل هم، بعيدون عني، ولن يأتوا هذا اليوم. في الواقع، هم منشغلون بحياتهم، بأطفالهم وزوجاتهم التي تبدو أولى أولوياتهم الآن.

لا أحب النظر للساعة. الوقت أصبح فكرة ثقيلة لا أود معرفتها. لكنه يمضي سريعًا عندما يكون أحدهم هنا معي، يحطم ذلك الجمود.

ما بعد الأطفال

ذهبتُ إلى المطبخ وأعددت كوبين من الشاي ووضعتهما على صينية، كما أفعل دائمًا. عندما يسألني أحدهم عن السبب، أجيب ببساطة: "تحسبًا لقدوم أحدٍ منهم." رغم أنني أعرف جيدًا أنّ أحدًا لن يأتي اليوم.

رنّ الهاتف؛ هذا يحدث كثيرًا. دائمًا أكون بطيئة جدًا في اللحاق بالرنين، رغم جهدي في كل مرة للإجابة سريعًا. إنها ابنتي، أوتار، تهاتفني من أستراليا. صوتها بعيد رغم قربه لكلماتي، وثِقل الأيام يجعل الحديث معها مضنيًا. رفع صوتي متعب لي، وبعض الكلمات تخرج من فمي بمشقة. بينما أشرب كوب الشاي، أراقب عروق يدي النافرة التي باتت ترقص على إيقاع الرجفة الخافتة... تسللت الشيخوخة إلى جسدي بهدوء ودهاء دون أن أنتبه لحضورها إلا حين أتمت سيطرتها بالكامل.

ماذا يمكنني القيام به الآن؟ أجل، التلفاز ربما يكون ملجئي المؤقت. تذكرتُ جهاز التحكم الذي كان يضيع دائمًا بسبب عبث أطفالي حين كانوا صغارًا... أما الآن فهو ثابت في مكانه، لا يتحرك إلا عندما أحركه أنا. كل الأشياء ساكنة هذه الأيام؛ هدوء يبعث الخوف بدل الراحة.

وقت الغياب

ليس أمرًا جميلًا كما ظننتُ ذات يوم... لماذا كنت أغضب عليهم وأعاقبهم بسبب الريموت الضائع؟ أحيانًا أشتاق لتلك الفوضى.

الوجوه التي تمر أمامي عبر شاشة التلفاز كلها أصغر مني عمرًا. حتى أولئك الذين يُعلنون خبر رحيلهم دائماً ما يبدو لي أنهم عاشوا أقل مما عشت.

اثنان وسبعون عامًا... أكرر الرقم في رأسي كأنه لغز لا أفهمه. اثنان وسبعون نصفها ست وثلاثون... ماذا كنت أفعل وقتها؟ أذكر أنني كنت في ذروة الحياة، أطفالي صغار وكانت الحياة ممتلئة بكل شيء، صاخبة وعفوية... والآن؟ لا يشغلني شيء سوى الفراغ نفسه.

تُرى لو عاد بي العمر إلى تلك المرحلة... إلى سن السادسة والثلاثين... ما الذي كنت سأفعله؟ هل كنت سأعيش بشكل مختلف؟

شاركه على جوجل بلس

عن شمس على

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق