مفهوم العائلة العائلة الكبيرة: نعمة أم نقمة؟

Family-concept
 مفهوم العائلة

 

في زمننا الحالي، يبدو أن مفهوم العائلة أخذ يخفت في حياة الكثيرين، ولم نعد نمنحه الأهمية التي يستحقها. مع أن العائلة هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها شخصياتنا، وهي التي تؤهلنا لمواجهة تحديات المجتمع.

العائلة الكبيرة: نعمة أم نقمة؟  

بالعودة إلى سؤالي عن العائلة الكبيرة، كنت أخجل من الاعتراف سابقًا بأنني لم أحب العائلة الممتدة. لم أكن أستسيغ ازدحام الأشخاص من حولي طوال الوقت، وتمنيت أحيانًا لو كانت عائلتي أصغر أو لو كنت الابنة الوحيدة. قد يبدو ذلك غريبًا لكنه شعور مرّ به البعض ممن عاش تجربة مشابهة. كان أكبر أحلامي حينها أن أحظى بقليل من الخصوصية، حتى أتحدث على الهاتف بعيدًا عن سماع الجميع أو أشاهد برنامجي المفضل دون مزاحمة! حتى تناول الحلوى كان يعني لي تقاسمها مع أخواتي، وهو أمر كان يجعلني أستمتع أقل بها، رغم أنني بالطبع أحبهم.


لم تخل حياتنا المشتركة من لحظات التوتر: شجارات حول الألعاب، انتظار دوري لاستخدام الحاسوب، وحتى تخصيص مكان هادئ للدراسة كان يبدو مستحيلًا. في طفولتي، كانت أمنياتي البسيطة تتمثل في غرفة خاصة بي أرتبها حسب ذوقي وأعيش فيها استقلاليتي. لكن اليوم، بعدما كبرت، أسترجع هذه الأفكار بابتسامة. تلك اللحظات الصغيرة التي بدت لي حينها مشكلات ضخمة هي الآن ذكريات مضحكة تشعل داخلي دفئًا خاصًا.

مع مرور الوقت وخوض تجربة الحياة الجامعية بعيدًا عن المنزل، بدأت أقدر قيمة عائلتي الكبيرة. اكتشفت أن ما كنت أعتبره مشاكل كان بالفعل إعدادًا لي لمواجهة الحياة. في الجامعة، حيث وجدت نفسي محاطة بأشخاص أغراب ومسؤوليات جديدة، أدركت أنني كبرت داخل "مجتمع صغير" منحني تجربة حياة واقعية غنية. تعلمت المرونة والتأقلم وفهم الآخرين، وهي مهارات اكتسبتها دون وعي مني من خلال معايشتي لتجارب وآراء أفراد عائلتي المتعددة.


عائلتك الكبيرة تُعدك للحياة دون أن تدري، فهي تعلمك الصبر، تقبل الاختلافات، الاحترام للأكبر رحمة للأصغر، والتريث في اتخاذ القرارات. وعلى الرغم من أن الأصدقاء يمكن أن يكونوا رائعين ويقفون بجانبك، إلا أن العائلة تمتلك رابطًا خاصًا لا يضاهيه شيء. داخل العائلة، الفرح مشترك والحب غير مشروط، فهم يسعون جاهدين لإسعادك بأسلوب قد لا تدركه دائمًا.


اليوم، أفهم أن اللعب بدون أخواتي لن يكون ممتعًا، وأن الحلوى مهما كثرت لن تُضاهي حلاوة مشاركتها معهم. غرفتي الخاصة التي حلمت بها أطفالًا لن تحمل أبدًا حرارة الذكريات التي صنعتها في تلك الغرفة المشتركة التي ضمتنا جميعًا، وشهدت ضحكاتنا وأحزاننا وحكايات ما قبل النوم. نعم، العائلة الكبيرة نعمة لا تقدر بثمن.

شاركه على جوجل بلس

عن شمس على

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق